20171219_120145

الدكتور محمد ماجد يلقي كلمة التأبين في حق المرحوم رئيس المفوضية الإسلامية

مدريد ، 05 يوليو 2020 – إسلاميديا
رئيس مجلس شورى إتحاد الجمعيات الإسلامية بإسبانيا الدكتور محمد ماجد خادم الأربعين يكتب عن خصال الأخ ابو إسلام الذي وافته المنية شهر أبريل الماضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

حديثي عن أخي أبو إسلام يطيب لأنه شخصية ليس من السهل أن تتكرر، فقد حباه الله بصفاة متعددة الأنوار، وما اجتمعت في شخص إلا سما وعلا، وأحبه من حوله… لا نزكي على الله أحد، إنه إنسان يصيب ويخطئ، ولكنه يثابر في الطريق الصحيح.

بدأت مسيرته الدعوية في غرناطة عام 1970، وكان شابا طموحا نشيطا، ومحبا للخير وأهله، وتميز على أقرانه بحب اللغة الإسبانية وكان يحفظ بعض السور من ترجمة القرآن الكريم باللغة الإسبانية.

ثم انتقل إلى أوبييدو وسانتاندير، وأسّس مع إخوة له من الطلبة العمل الإسلامي هناك، وساهم في رفع مستوى الإخوة الثقافي والإسلامي… ولما طلبت وزارة العدل في نهاية السبعينات ممثلا عن الإسلام في اجتماعات قسم الشؤون الدينية، انتقل من أوفييدو إلى مدريد ممثلا للمسلمين واستقر فيها، وكان ينقل لنا توجهات الحكومة وكذلك بقية الأديان وأهمية تمثيل المسلمين لأنه الدين الثاني من الناحية العددية.

وهذه اللقاءات المستمرة كانت ثمرتها الاعتراف بالدين الإسلامي بعد جهد كبير، والحصول على الحقوق الأساسية للمسلمين.

وفي بداية الثمانينات كان في إسبانيا الجمعية الإسلامية والمركز الإسلامي يمثلان المسلمين في كافة التراب الإسباني… وشكلت لجنة التنسيق التي شملت معظم المراكز الإسلامية في إسبانيا وانضوت مع الجمعية الإسلامية في إسبانيا تحت اسم واحد، وكانت نتيجة هذا التجمع الكريم نشوء مجلس الشورى الذي رأسه لأول مرة أخونا رياج ططري، رحمة الله. وبعد اجتماعات مطولة أنشأ اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا، وكان أخي أبو إسلام في طليعة العاملين بهذا الهدف الكبير رحمه الله.

أما صفاته الشخصية باختصار:

1- الحلم والأناة، وهما خصلتان يحبهما الله كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان حليما يتسع صدره للمحبين والمخالفين… لا يغضب بحيث يسيء إلى محدثه ولا يرفع صوته فيؤذي سامعه. من الناحية الأخرى، فطبيعة الأناة فيه كانت تتجلى في كافة المهمات التي يقوم بها، ولا يستعجل في اتخاذ القرارات قبل أن يتبين مألاتها.

أساء إليه أحد الإخوة إساءة بليغة، فقلت له لماذا لم تجبه يا أخي، فقال لي لا أستطيع مع هذا الموقف إلا الصمت لأنه يخالف طبيعتي وأخلاقي.

2- في عمله اليومي:

– التوافق: كان شعارا له، لأن فيه الشورى التي من خلالها تتوحد القلوب والجهود وتنضبط الأعمال.

– يعرف من يتعامل معه وكيف، ويدرك المخلص من المدعي، ولكن لا يجرح شعوره، بل يقدم له النصيحة.

– يحترم من حوله بتواضع، وكان وفيا لمن آخاه.

– وهبه الله ذاكرة قوية وسرعة بديهة مكّنته من إحسان العمل.

– كان منظما في عمله ويحتفظ بالوثائق والبيانات الإدارية اللازمة في المكان المناسب، مما كان يُسَهّل على بقية الإخوة الرجوع إليه.

– كثرة الواجبات كانت تحول بينه وبين إنجازها في بعض الأحيان.

قدمت هذا الموجز عن عمله وشخصه لأن الأخ أبو إسلام من الإخوة الذين أسسوا العمل الإسلامي في إسبانيا من الصفر، وهو عمل عظيم لا يعرف قدره إلا من عاصره، ولا بد للجيل الثاني والثالث أن يقدر هذا العمل. إنه رجل قدوة ومن الشخصيات المعيارية في العمل الإسلامي بحق.

العاملون في المجال الإسلامي تقتصر الملاحظات عليهم بالنقد والاتهام بالتقصير، والبحث عن الأخطاء، فكان لا بد من ذكر حسناته لأنها كانت الصفة العامة لعمله، ورد اعتبار لشخصية إسلامية فذة، كان لها أثر عظيم في بناء العمل الإسلامي من شبابه إلى حين لقاء ربه بجد واجتهاد.

كان رحيله صدمة لم نكن تنوقعها… ولكن إرادة الله نافذة، وكل نفس ذائقة الموت…

رحمك الله يا أخي أبا إسلام رحمة واسعة تبارك في حسناتك وتتجاوز عن تقصيرك، وجمعنا معك في مستقر رحمته…

اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله، وأخلفه خيرا في أهله وأحِبّائه وإخوانه، إنك أنت السميع المجيب. والحمد لله رب العالمين.

عن مجلس شورى اتحاد الجمعيات الإسلامية

رئيس المجلس: محمد ماجد خادم الأربعين

05/07/2020 في مدريد