المفوضية الإسلامية الإسبانية : إتجاهات و توجهات

المفوضية الإسلامية الإسبانية : إتجاهات و توجهات

المفوضية الإسلامية الإسبانية هي الهيئة القانونية المعنية بتمثيل الجالية المسلمة ، الموقعة لقانون إتفاق التعاون لعام 1992 مع الدولة الإسبانية .

18فبراير 2014 – إسلاميديا

بقلم عادل النجار

المفوضية الإسلامية الإسبانية هي الهيئة القانونية المعنية بتمثيل الجالية المسلمة ، الموقعة لقانون إتفاق التعاون لعام 1992 مع الدولة الإسبانية . ويشكلها كلٌ من إتحاد الجمعيات الإسلامية بإسبانيا (أوثيدي ) و الفيدرالية الإسبانية للهيئات الإسبانية (فييري )، التي تستند عليهما شرعية المفوضية ، وذلك طبقا لإتفاق التعاون ، كما تعود أمانة المفوضية إلى كل من السيد رياج ططري و السيد منير بن جلون ، لكونهما الرئيسين الشرعيين لإتحاد الجمعيات الإسلامية بإسبانيا (أوثيدي ) ، و الفيدرالية الإسبانية للهيئات الإسبانية (فييري ) .

ومع مرور الزمن وتغير الخارطة الإسلامية في إسبانيا  ، ووجود فيدراليات إسلامية جديدة لا يُسمح لها بدخول المفوضية الإسلامية ، طبقا لقانون التعاون الذي يمنح هذه الميزة لكل من أوثيدي و فييري ، كونهما الموقعتان للإتفاق ، وممثلتان شرعيتان أمام الدولة ، كانت الحاجة الماسة لتغيير القانون الأساسي للمفوضية ، ودمج جميع الفيدراليات داخل إطار إسلامي جديد يمثل الجميع دون إقصاء أحد .

كان هذا مطلبا من الدولة الإسبانية ، التي وضعت كل ثقلها في هذا الإتجاه ، ومن جميع الفيدارليات الإسلامية عدا فيدرالية فييري التي عارضت أي تغيير يسمح لدخول أي شريك آخر في المفوضية الإسلامية . و تجد إدارة إتحاد الجمعيات الإسلامية ( أوثيدي ) نفسها أمام طريقين ، أولهما الوقوف ضد الدولة الإسبانية ومنع دمج الفيدراليات الجديدة تماشيا مع ما تسعى إليه فييري ، وآخرهما يعكس أولهما .

وباغلبية ساحقة ، صوت مجلس الشورى لإتحاد الجمعيات الإسلامية ، المنعقد في نهاية عام 2010 لصالح السعي لتشكيل هيئة إسلامية جديدة تشمل جميع الهيئات و الفيدارليات الإسلامية ، ضمن نظام ديمقراطي برلماني يعطي كل هيئة حقها ووزنها طبقا لعدد الجمعيات التي تمثلها .

وفي صباح الثاني من أبريل لعام 2011 ، وفي مسجد مدريد الجامع ، مقر إتحاد الجمعيات الإسلامية ، تم تشكيل المجلس الإسلامي الإسباني ، و إختيار السيد رياج ططري رئيسا له ، بحضور جميع الفيدارليات و الهيئات الإسلامية كاملة بإستثناء فيدرالية فييري ( نسبة الجمعيات المنتمية إلى فيدارلية فييري لا تتعدى 12% ) التي لم تعارض الامر فقط ، بل دفع رئيسها حينئذ السيد علي حامد بدعوة قانونية ضد ما جرى .

كانت الدولة الإسبانية ممثلة بوزارة العدل تسعى لأن يكون المجلس الإسلامي الجديد بديلا شاملا وقانونيا للمفوضية الإسلامية ، وأن تحول إليه جميع الصلاحيات القانونية ، ولكن هذا لم يحدث !!

حيث لم يوافق مجلس الدولة المختص بالشئون القانونية على قبول المجلس الإسلامي كبديل قانوني للمفوضية الإسلامية ، وبذلك لم يتم تسجيل الهيئة الجديدة ، لتبقى المفوضية الإسلامية كما كانت مع تعديل في بندها الأول الخاص بالهيئات المكونة لها أو الراغبة في الإنضمام إليها ، وذلك من خلال المرسوم الملكي 1384/2011 الصادر يوم 14 اكتوبر لعام 2012 ، الذي فتح الباب أمام الفيدارليات و الهيئات الجديدة لتشكل جزءا من المفوضية .

وكان من الطبيعي أن نبني المستقبل الجديد على نفس الأسس التي تم التوافق عليها في لقاء أبريل 2011 ، للوصول إلى التعديلات اللازمة للقانون الأساسي للمفوضية تقودنا إلى صيغة نتوافق عليها جميعا تحقق للجالية المسلمة بإسبانيا طموحاتها في رؤية مفوضية إسلامية مبنية على أسس الديمقراطية و التشاور دون اللجوء إلى قرارات أحادية تهوي بوحدة المسلمين إلى الإنقسامات والخلافات .

لذلك لا نفهم موقف بعض الأقليات الدينية ، و على رأسها السيد منير بن جلون الذي حل علينا كرئيس جديد للفيدرالية الإسبانية للهيئات الإسبانية (فييري ) من خلال قرار قضائي ، في  مسارهم المخالف والمغاير لمبادئ وحدة الصف المسلم .

فقد فاجئنا السيد بن جلون بالدعوة وبشكل أحادي إلى إجتماع للمفوضية الإسلامية يوم 17 نوفمبر 2012 ،  و دون الرجوع إلى الإجماع و التوافق مع السيد رياج ططري رئيس إتحاد أوثيدي كما ينص البند السابع من القانون الأساسي للمفوضية ، منصبا نفسه رئيسا لإدارة جديدة غير شرعية.

ورغم ثقتنا بعدم شرعية خطواته ، إلا أنّ ما يقلقنا هو ما يمكن أن تسببه الإنقسامات في صف الجالية المسلمة بإسبانيا ، و ما يترتب عليها من آثار تسيئ إلينا كمسلمين داخل المجتمع الإسباني

ومع أن البعض هلّل و صفق للتنصيب و المُنصّب الجديد ، إلا أن الأمر لم يدم طويلا ، حيث كان رد وزارة العدل الإسبانية حاسما و رافضا لتسجيل هذه الإدارة المخالفة للقانون و أسس الديقراطية التي تقوم عليها أسس البلاد . 

ولو وقفنا متأملين في تقرير وزارة العدل الرافض لإستئناف بن جلون ، لوجدنا آسفين أن الوزارة كانت أكثر منه حرصا على التوافق بين المسلمين .

التقرير يظهر ثغرات قانونية عديدة منها أن  » المأمول من الشراكة التي تقوم عليها المفوضية ليس حق النقض ، و إنما الوصول إلى أقصى درجات التوافق بين الشركاء ، و لو قبلنا أطروحة التضامن فليس من المعقول أن يُترك لأحد من الطرفين إدارة شئون المفوضية دون الاخذ برأي الآخر ، و خاصة أننا نتحدث عن أمور أساسية مثل تغيير القانون الإساسي للمفوضية «

وفي بند أخر يقول » أي ديمقراطية هذه التي ستقوم عليها  المفوضية الجديدة مع رفض ما يقارب من 56 % من أعضائها ، و في ظل عدم التوافق المنشود لتغيير قانونها الأساسي . «

كنا نأمل بعد هذا التوضيح البيّن من قبل أكبر المؤسسات القانونية في البلاد ، أن نبدأ في جمع لمّ الشمل ، و العودة إلى الطريق الصحيح و الوحيد المؤدي لوحدة المسلمين ، ألا و هو الحوار المشترك ، إلا اننا نتفاجأ مرة أخرى ، ومن نفس الأقليات و الأشخاص بالعودة إلى ما فشلوا فيه سابقا .

إتحاد الجمعيات الإسلامية بإسبانيا ممثلا بإدارته ومؤسساته الشرعية سعى منذ البداية من أجل لم شمل العائلة المسلمة في إسبانيا ، و الإعتراف بحق جميع الهيئات دون إستثاء بدخول المفوضية ، لأن هذا هو مبدأنا الذي دافع عنه إخوتُنا في السبعينات ، في أُولى خطواتهم الدعوية في جميع أقاليم التراب الإسباني لبناء جسد إسلامي واحد ، والعمل على إعطاء صورة تليق بأخلاق الإسلام وشمائله ضمن المسار الدعوي الذي نبتغي منه وجه الله سبحانه و تعالى .

ولكن هل علينا ، كمؤسسة  كبرى تشمل 18 فيدرالية ، و تشكل أغلبية الهيئات الإسلامية بإسبانيا الرضوخ أمام أقليات يخفى علينا نواياها ، و يسيئ إلينا تصرفاتها !!!

ومع كل ما سبق ، تتسع قلوبنا في أوثيدي لجميع إخوتنا في الحقل الإسلامي في إسبانيا لبحث سبل الوصول إلى الإصلاح والتغيير ، لما فيه صالح الجالية المسلمة التي ما زالت تنظر إلينا بعيون عاتبة لما وصلت إليه الأمور اليوم .