يغتنم الإتحاد مناسبة مرور ( ثلاثة عشر قرناً ) من الوجود الاسلامي بإسبانيا ليعبر عن موقفه بكل وضوح وإلتزام تجاه مواضيع أساسية
مدريد 20 فبراير 2013 – إسلاميديا
مُقدمة :
دخل الإسلام شبه الجزيرة الايبرية في الثامن والعشرين من شهر أبريل / نيسان من عام 711 للميلاد وعامنا هذا يختتم ثلاثة عشر قرناً من وجود المسلمين في هذه الديار ..
ومنذئذ لم ينقطع الوجود الاسلامي في شبه الجزيرة الايبرية على الرغم من تفاوت حضورهم وأعدادهم من مكان لمكان ومن زمن لآخر .
واليوم يعيش في إسبانيا ، أكثر من مليون ونصف المليون مسلم ، كثير منهم من أبناء الجيل الثاني والثالث .. وقد استقر معظهم في المجتمع وأصبحت إسبانيا موطناً جميعاً سواءً منهم من يحمل الجنسية الاسبانية أم المقيم فيها لأغراض مختلفة وغدا الجميع مواطنون فاعلون فيه .
وقد شارك المسلمون الذين قدموا لإسبانيا بعد النصف الأول من القرن العشرين في الحياة العامة حيث ساهموا من خلال الحوار البناء في وضع أسس الدولة الحديثة في الفترة الانتقالية التي صدر فيها الدستور والقوانين الأساسية للدولة وفق أسس التعددية والديمقراطية وحقوق الانسان .
وعلى الرغم من أن المسلمين قد عبروا عن موقفهم تجاه القضايا التي سنتطرق إليها مراراً ، إلا أن الحاجة ماتزال ماسة لردود شاملة وواضحة لعدد من هذه الأسئلة الهامة :
ويغتنم الاتحاد هذه المناسبة الكبيرة ( ثلاثة عشر قرناً ) من الوجود الاسلامي بإسبانيا ليعبر عن موقفه بكل وضوح وإلتزام تجاه هذه المواضيع الأساسية من خلال هذا الإعلان الذي أقره مجلس شورى الاتحاد ، والاتحاد يأمل من خلال هذا الإعلان أن يساهم في الحوار الموضوعي والجاد والمستمر بهدف تحقيق الأمن والسلام الاجتماعي لكافة شرائح المجتمع الإسباني بما فيهم المواطنين المسلمين .
أولاً : المنطلقات الاسلامية العقيدية .
1) – الإسلام دين السلام :
الإسلام دين السلام والاستسلام لله سبحانه وتعالى ، وبه يحقق الإنسان أمْن هذا الكون مستسلماً راضياً طائعاً لله عز وجل ، ويربط الإسلام ضمن مسلسل الوحي الإلهي الحق نقاط التقاء عديدة بالأديان السماوية السابقة التي لا يربطها بها موطن النشأة الجغرافية المشترك فحسب .
2) – نؤمن بالله الرحمن الرحيم :
يؤمن المسلمون بالله الواحد الأحد ، ربّ إبراهيم والنبيين عليهم السلام ، الذي لا يحويه مكان ولا يَحدّه زمان ، القيوم المتعالي فوق كل وصف وتشبيه ، الدائم الظاهر الباطن ، العّدْل الرحيم ، الذي خلق الكون برحمته وحفظه بأمره إلى أن تقوم الساعة ،ويدعونه باسمه العظيم ( الله ).
3)- القرآن الكريم كلام الله :
يؤمن المسلمون أن الله أنزل وحْيَه على أنبيائه ورسله ، وختم وَحْيَهُ بالقرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.
والقرآن .. كلام الله عز وجلّ الذي لا يعتريه تحريف أو تغيير .. وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قولاً وفعلاً وإقراراً .. هما أساس العقيدة ومصدر التشريع ومقياس السلوك الإسلامي .
4)- نؤمن بأنبياء الله أجمعين :
يؤمن المسلمون بمن سبق محمداً من النبيين والمرسلين عليهم صلاة الله وسلامه أجمعين . ويؤمنون أن القرآن هو وَحْيُ الله الحق الذي أتى مُصدقاً لعقيدة التوحيد التي آمن بها إبراهيم وموسى وعيسى والنبيون ، فكان مصدقاً ومهيمناً وفصلاً حكماً .
5)- نؤمن بيوم الحســــاب :
يؤمن المسلمون أن الإنسان مسؤول عن عمله ضمن حرية اختياره التي وهبها الله إياه ، وأنه محاسب فرداً أمام خالقه يوم القيامة .
6)- واجبـــات متكافئة :
المسلمون مُكلفون – رجالاً ونساءً – بمعرفة الله حق المعرفة وعبادته حق العبادة والانصياع لأمره في تسليم وطاعة – وفي هذا يكون الخير لهم وللبشرية جمعاء وبهذا يسود العدل وتحقق المساواة والحرية والأخوة بينهم .
7)- أركان الإســــــلام :
أساس الإسلام أركانه الخمسة : الشهادتان ، وإقامة الصلاة ، وايتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا .
ثانياً : المنطلقات الإسلامية الاجتماعية .
8)- الإســـلام نظام وَسَـــط :
المسلم ليس عبداً للحياة الدنيا وزينتها ولا عدداً لها ، فالإسلام نظام وسط بين ذلك . وكل مسلم ومسلمة عَبْد رباني بحكم ايمانه ، يسعى في ذات الوقت لخير الدنيا والآخرة . فالإسلام عقيدة وعبادة وأخلاق وسلوك اجتماعي في آنٍ واحد . والمسلم مُكَلف حيثما كان بتحقيق الخير لمجتمعه الذي يحيا فيه ، ومكلف بالتضامن مع إخوانه المسلمين في العالم بأسره .
9)- العادلة الاجتماعيـــــة :
لا يهدف الإسلام إلى إزالة الغنى بل إلى مكافحة الفقر ، وهو يحمي الملكية الفردية المرتبطة بتكليف الفرد بالتضامن الاجتماعي والتكافل الخيري والمسؤولية الفردية عن البيئة والمجتمع .
ثالثاً : نظام الدولــة .
10)- واجب الأقليات المســـلمة :
يجوز للمسلمين أن يعيشوا حيثما شاؤوا من أرض الله الواسعة ، ما لم يفتنوا في دينهم وما لم يمنعوا من تأدية فرائضهم . وفرض الشريعة الاسلامية على المسلمين في مغترباتهم الالتزام بأنظمة الدولة والمواثيق التي تربطهم بها . وتشكل تأشيرة الدخول إلى بلد ما وتصريح الإقامة والتجنس بجنسيته ، عهوداً ومواثيق يجب على الأقليات المسلمة والمواطنين المسلمين الالتزام بها .
11)- النظام الأســـــــاسي :
يحترم المسلمون الممثلون من خلال اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا – من حمل منهم الجنسية الاسبانية ومن لم يحملها – الدستور الاسباني ، وما يرتبط به من أسس النظام الديمقراطي الحر لدولة القانون وتوزيع السلطة وتداولها بها ، وما ينبثق عنه من تعددية حزبية وحق الانتخاب للجنسين ، والحرية الدينية حرية دون قهر ولا إرغام ، فهذا يتعارض مع حظر الإكراه في الدين ، كما ينص على ذلك القرآن الكريم .
رابعاً : الحضارة الغربيــة .
12)- لا تعارض مع حقوق الإنسان :
لا يوجد تعارض من ناحية الأصل بين ما قرره الإسلام من حقوق أساسية للإنسان ثابتة بنص القرآن الكريم وبين المحتوى الأساسي للميثاق العالمي لحقوق الإنسان . وإننا لندعم التوجه الهادف لحماية حقوق الأفراد من اسغلال أي سلطة رسمية أو جماعية . والإسلام يراعي في وضع أحكامه الاختلاف والتفاوت والتباين ، فيعطي أحكاماً مناسبة متفاوتة لما اختلف فيه ، ويفرض المعاملة بالمثل لما تماثل ، وفي ذلك عدل منه وحكمة . وإلزام قواعد الشرع بمراعاة القوانين المحلية لهذا المجتمع ينبثق عنه قبول القوانين المنظمة لشؤون الزواج والإرث والمرافعات القضائية .
13)- الحضارة الإسلامية أثرت الحضارة الغربية :
لقد أثرت الحضارة الغربية من الحضارة الإغريقية الرومانية ومن الإرث الديني ، بالإضافة لتأثرها بفكر التنوير . ولقد تأثرت تأثراً ايجابياً بالفلسفة والحضارة الاسلامية بشكل خاص . والمسلمون قادرون اليوم وعازمون على القيام بدور ايجابي لحل مشكلات البشرية وهي على عتبة انتقالها من العصر الحديث إلى حقبة ما بعد العصر الحديث . هذا يتسنى من خلال قبول التعددية الدينية وفق ما ورد في القرأن الكريم ، ورفض كل أنواع العنصرية والعرقية ومحاربة الإدمان والعبودية للأهواء والشهوات .
14)- هوية إسلامية في إطار أوربي :
الإسلام دعوة متجددة للإنسان وتكليف مستمر له باستخدام عقله والاستفادة من حواسه ولبه – ولقد سبق الإسلام عصر التنوير ، فقد حث على العلم ودعم الاجتهاد وألزم بفهم النصوص في إطار العصر والحاجات . ولذا فإننا نعمل من أجل فهم النصوص الاسلامية فهماً يراعي مشكلات العصر وحاجاته ويفرز شخصية إسلامية متميزة ضمن الإطار الأوروبي المعاصر .
خامساً-الدور الاجتماعي
-(15 مـهـمـة الاتـحـاد:
يهتم اتحاد الجمعيات الاسلامية في إسبانيا بقضايا الإسلام والمسلمين في إسبانيا بالدرجة الاولى وبقضايا المجتمع الذي يعيش فيه ، والمواطنون المسلمون وكذلك الأجانب المقيمين في إسبانيا عليهم أن لايعتبروا هذا البلد موطن إقامتهم فحسب ، بل يجب أن يكون مركز اهتمامهم وموضع عطائهم ونشاطهم .
-(16الحوار من أجل البناء:
ومن أهم واجبات اتحاد الجمعيات الاسلامية بإسبانيا بناء أساس من الثقة المتبادلة بين المسلمين ومكونات المجتمع الأخرى من أجل ضمان تعايش مثمر بَنّاء مع الأقليات الأخرى ومع سائر أبناء المجتمع .
والسبيل المؤدي لذلك هو نبذ الأحكام المسبقة من خلال قيام المسلمين بواجب التوعية والانفتاح والشفافية والحوار الايجابي .
(17 – واجبنا تجاه المجتمع:
يشعر اتحاد الجمعيات الاسلامية بإسبانيا بواجبه تجاه المجتمع الاسباني بكامله ، ويسعى للقيام بواجبه بالتعاون مع جميع مكونات المجتمع من أجل تحقيق التسامح وترسيخ المثل والأخلاق ، وحماية البيئة والحيوان . كما يعمل الاتحاد على حماية حقوق الإنسان في كل مكان ، ويبدي استعداده للتعاون من أجل مكافحة العنصرية والعرقية والعنف بكافة صوره وأشكاله .
-(18 اندماج مع الاحتفاظ بالهوية الإسلامية:
يبذل اتحاد الجمعيات الاسلامية بإسبانيا قصارى جهده لتحقيق اندماج المسلمين في المجتمع الاسباني مع المحافظة على هويتهم الاسلامية ، ويدعم الجهود كافة الهادفة إلى تعلم اللغة الاسبانية والحصول على الجنسية الاسبانية ، كوسيلتين رئيسيتين من أجل اندماج المسلمين ورفع مستواهم الاجتماعي .
-(19 حاجات وضرورات قائمة:
يعمل اتحاد الجمعيات الاسلامية بإسبانيا بالإضافة لكل ماذكر ، إلى توفير المعطيات اللازمة لمنح الإسلام موقعه اللائق في هذا المجتمع ، ولتحقيق مستلزمات العيش الكريم للمواطنين المسلمين فيه . ويتعاون من أجل ذلك مع سائر المؤسسات الإسلامية ، وينسق جهوده معها في إطار الدستور والقوانين السارية وخاصة اتفاق الدولة مع المفوضية الاسلامية بإسبانيا .
وباعتبار الاتحاد مؤسسة دينية ، فهو يوجه جهده في الدرجة الأولى لتحقيق المطالب التي يتضمنها اتفاق التعاون للدولة الاسبانية مع المفوضية الاسلامية باسبانيا .